مجتمع الإنساني في القرآن الكريم

پدیدآورمحمدباقر الحکیم

تاریخ انتشار1388/10/05

منبع مقاله

share 1087 بازدید
مجتمع الإنساني في القرآن الكريم

محمد باقر الحكيم

الإنسان والمجتمع الإنساني هدف أساسي في القرآن الكريم لما حظي به الكائن البشري من كرامة عند الله، ومكانة في الكون، وقدرة على الخلافة. وسور القرآن الكريم تتناول جوانب شتى مما يرتبط بالإنسان والمجموعة البشرية في إطار عقائدي تارة واجتماعي وتاريخي وأخلاقي تارة أخرى.
والأستاذ الباحث تناول في الحلقات السابقة مباحث تمهيدية ودخل في موضوع الاستخلاف وفصّل القول في نظرية خلافة الإنسان على ظهر الأرض ثم عرج على مصطلح المجتمع وتحدث عن عناصر المجتمع الإنساني في نظرية الشهيد محمد باقر الصدر. ثم تحدث عن الثورة والتغيير بالشريعة وقاعدة التغيير في المجتمعات الإنسانية وتناول أنواع المثل العليا التي تتحرك الساحة الاجتماعية من خلالها، وتحدث عن الشهوات الميول النفسية والاجتماعية التي أودعها الله في الإنسان، وعن القوى المادية الكونية والاجتماعية، ثم تناول ثلاثة ظواهر هي: الطاعة للطغاة والسادة الكبراء. والطاعة والركون إلى الشهوات والميول النفسية، والولاء لغير الله ولأعدائه..

تأثير (الهوى) على عناصر الوحدة

مرّ المجتمع الإنساني في بداية تكوّنه بدورين، أشرنا إليهما سابقاً، وهما: دور الحضانة الذي يمثل دور وجود الإنسان في الجنة.
ودور الوحدة الفطرية الذي عاش فيه الإنسان بعد أن أُخرج من الجنة على شكل مجتمع واحد، معتمداًَ في وحدته تلك على العناصر التي تهدي إليها الفطرة التي فطره الله تعالى عليها؛ وكانت مهمة الدين والأنبياء ـ عليهم السلام ـ أثناءه هو التوجيه والإرشاد إلى الهدى الإلهي والإشراف على حركة المجتمع الفطرية تلك.
كما أشرنا، إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أودع في الإنسان العقل والهوى جنباً إلى جنب، وجعل لـه الإرادة والاختيار، فأختار بإرادته طريق الهوى وقدمه على ما تدعو إليه الفطرة السليمة وما يحكم به العقل.
ويبدو من القرآن الكريم أن السبب الرئيس في حدوث الاختلاف داخل المجتمع، هو: الهوى والطغيان الذي أودعه الله تعالى سبحانه في نفس الإنسان وجعل العقل والفطرة والهدي الإلهي مسيطراً عليه ؛ ومن خلال تأثير الهوى انتقل المجتمع الإنساني من دور الوحدة إلى دور الاختلاف.
ولكن كيف أمكن للهوى أن يؤثر على عناصر الوحدة الفطرية مع وجود العقل والفطرة الإنسانية والهدي الإلهي ؟
إن من الواضح أن الهوى لا يتحرك في الإنسان ولا يؤثر في عوامل الوحدة إلا من خلال وجود الأرضية المناسبة لذلك.
وقد بيّن العلامة الطباطبائي والسيد الشهيد الصدر قدس سرهما أن هذه الأرضية قد نشأت بسبب التطور الذي حصل في المجتمع من خلال الاختلاف في المواهب المكتسبة، والظروف المحيطة، والفرص التي يحصل عليها الإنسان في حركته الاجتماعية، ومن ثم المواقع والقدرات والإمكانات التي يتفوق فيها على الآخرين في الخبرة والتجربة، أو في قوته البدنية، أو اكتشاف بعض الموارد الطبيعية، أو السيطرة عليها دون الإنسان الآخر، والتي تفتح أمام الإنسان أبواب الاستغلال والاستثمار.
وحينئذٍ يبرز دور الهوى في هذا الإنسان الذي يحصل على هذه القدرات والإمكانات فيتحول إلى إنسان لا يفكر إلا في الحصول على رغباته والإغراق في إشباع غرائزه فينساق مع هواه من خلال السيطرة على الآخرين وتسخيرهم واستغلالهم ليزداد مالاً وولداً أو قدرة وقوة، ليصبح ذا سلطة وجاه وسيادة، وبذلك تتمزق وحدة المجتمع ويتحول إلى مجتمع صراع وتناحر واختلاف بينه وبين من يرفض سيطرته وهيمنته.
قال العلامة قدس سره: ومن هنا يعلم أن قريحة الاستخدام في الإنسان ـ يعني فطرة الإنسان على استخدام الآخرين وتسخيرهم ـ بانضمامها إلى الاختلاف الضروري بين الأفراد من حيث الخلقة ـ وإن كانوا بحسب الصورة الإنسانية متساويين ـ ومنطقة الحياة والعادات والأخلاق المستندة إلى ذلك، وإنتاج ذلك للاختلاف الضروري من حيث القوة والضعف يؤدي إلى الاختلاف والانحراف عن ما يقتضيه الاجتماع الصالح من العدل الاجتماعي، فيستفيد القوي من الضعيف أكثر مما يفيده، وينتفع الغالب من المغلوب من غير أن ينفعه ويقابله الضعيف المغلوب ما دام ضعيفاً مغلوباً بالحيلة والمكيدة والخديعة، فإذا قوي وغلب قابل ظالمه بأشد الانتقام، فكان بروز الاختلاف مؤدياً إلى الهرج والمرج، وداعياً إلى هلاك الإنسانية، وفناء الفطرة، وبطلان السعادة (1).
كما عبّر قدس سره عن ذلك في مكان آخر من كتابه: عن أن دار الدنيا دار تزاحم وتناقض في المصالح، وعندئذٍ يبرز الهوى من خلال هذا التزاحم ليحصل بسببه الاختلاف في المجتمع البشري(2).
وقد أشار السيد الشهيد الصدر قدس سره إلى مثل هذا بقوله:
... وبعد أن مرت على البشرية فترة من الزمن وهي تمارس خلافتها من خلال مجتمع موحّد تحققت نبوءة الملائكة وبدأ الاستغلال والتناقض في المصالح والتنافس على السيطرة والتملك، وظهر الفساد وسفك الدماء وذلك لأن التجربة الاجتماعية نفسها وممارسة العمل على الأرض نمّت خبرات الأفراد ووسعت إمكاناتها، فبرزت ألوان التفاوت بين مواهبهم وقابلياتهم، ونجم عن هذا التفاوت اختلاف مواقفهم على الساحة الاجتماعية وأتاح ذلك فرص الاستغلال من حظي بالموقع الأقوى وانقسم المجتمع بسبب ذلك إلى أقوياء وضعفاء ومتوسطين، وبالتالي إلى مستغلين ومستضعفين، وفقدت الجماعة البشرية بذلك وحدتها الفطرية، وصدق قول الله تعالى في آية تحمّل الإنسان للأمانة التي أشفقت منها السماوات والأرض، إذ قال:
?إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً? (3)..(4).

كيف أثر الهوى على عناصر الوحدة؟

ونحتاج بعد هذا التوضيح أن نعرف الصورة التفصيلية لتأثير الهوى على عناصر الوحدة الفطرية.
لقد استطاع الهوى أن يؤثر على وحدة المجتمع بعد أن توفرت الأرضية المناسبة لـه، وذلك من خلال تأثيره على مبادئ وعناصر وحدة المجتمع، الواحد تلو الآخر، وهذا ما سنوضحه فيما يلي:

أولاً: تأثير (الهوى) على عنصر (التوحيد)

يمثل (توحيد الله) أحد العناصر الفطرية الأساسية في المجتمع الإنساني؛ ولذلك فإن ظاهرة (الشك) التي تمثل العنصر المضاد للتوحيد تعتبر عنصراً من عناصر اختلاف المجتمع ـ أيضاً ـ شأنها في ذلك شأن تأثيرها في أصل الخلقة ووجود الكون، كما يشير القرآن الكريم بقوله تعالى:
?... لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض...? (5).
ويمكن بيان تأثير الهوى على عنصر التوحيد من خلال الإشارة إلى أن المدلول الاجتماعي للتوحيد هو مدلول انتماء الإنسان والبشرية إلى محور واحد وهو الله تعالى، ونلاحظ أن الإنسان من خلال مسيرته الاجتماعية في المرحلة الفطرية تأثر بعدة قضايا، جعلته يتجه إلى الشرك والتعدد في الانتماء ونشير هنا إلى قضيتين أساسيتين كانتا ـ منذ البداية ـ ولا زالت تؤثران على هذا الانتماء الواحد لله تعالى.
القضية الأولى: الشهوات والميول النفسية والاجتماعية التي أودعها الله في الإنسان.
القضية الثانية: القوى المادية الكونية والاجتماعية.

1 ـ الشهوات والميول

أودع الله تعالى في الإنسان الغرائز وحب الشهوات والميول وزين لـه في هذه الحياة الدنيا أموراً عديدة، جعلت الإنسان يتجه نحو إشباعها لوجود هذه الغرائز المؤثرة تجاهها، وشعور الإنسان بالحاجة إليها، ولتوفر الأرضية لبروزها في حياته، وقد ِأشار القرآن الكريم إلى وجود هذا الاتجاه الداخلي في نفس الإنسان، في عدة مواضع منها قولـه تعالى:
?زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متع الحيوة الدنيا والله عنده حسن المأب?(6).
غير ان الإنسان ـ في حركته لإشباع هذه الغرائز ـ جنح ـ بصورة عامة ـ إلى تجاوز الحدود المعقولة وانساق مع الهوى فيها، تحول (الهوى) بعد ذلك تدريجياً عنده إلى إله ينتمي إليه من دون الله تبارك وتعالى، فأخلد إلى الأرض وتسافل والتصق بهذه الشهوات حتى كذب بآيات الله عندما جاءته تهديه إلى دور الفطرة في العدل والرشد والاستقامة والميزان في تناول حاجاته، وحوَّل بظلمه ـ لنفسه هذا الطغيان والتجاوز ـ المجتمع من مجتمع وحدة قائم على توحيد الله تبارك وتعالى والانتماء إليه والإيمان به وإتباع آياته، إلى مجتمع اختلاف وظلم، وأشرك مع الله تعالى هواه في الانتماء والطاعة (7)، وأصبح شقياً بهذا الطغيان، ضالاً في مسيرته، ناسياً الله تعالى فهو يركض ويلهث للإشباع، فلا يصل إلى الغاية والنهاية، قال تعالى:
?... ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ?(8).
?... ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً? (9).
?واتل عليهم نبأ الذي ءاتينه آيتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين _ ولو شئنا لرفعنه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآيتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون?(10).

2 ـ تأثر الإنسان بالقوى المادية الكونية والاجتماعية وعبادته لها

لقد أودع الله تعالى في الإنسان الإحساس بالفقر والحاجة والضعف وفطره على ذلك، ليلجأ إلى قوته ويستمد العون منه ويتوكل عليه، فيعبده ويتكامل بالغنى والقوة من خلال هذه العبادة.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الأمر الفطري في الإنسان مقروناً بالغنى والقدرة الإلهية في عدة مواضع، قال تعالى:
?يأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد _ إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد _ وما ذلك على الله بعزيز _ ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى إنّما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلوة ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه والى الله المصير _ وما يستوي الأعمى والبصير? (11).
وقال تعالى: ?يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً? (12).
كما أشار القرآن الكريم إلى الإحساس الفطري بالحاجة إلى الله تعالى بعرض عدة صورة يتحدث عن لجوء الإنسان إلى الله سبحانه والاستعانة به عند التعرض للشدائد والأهوال، ومنها قولـه تعالى:
?قل من ينجيكم من ظلمت البر والبحر تدعونه تضرعاً وخفية لئن أنجنا من هذه لنكونن من الشاكرين? (13).
وقال تعالى: ?وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مرّ كان لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون? (14).
وقال تعالى: ?أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض...? (15).
وقال تعالى: ?وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجئرون? (16).
وقد ربط القرآن الكريم موضوع الاستعانة بالعبادة في كثير من المواضع،
قال تعالى:
?إياك نعبد وإياك نستعين _ اهدنا الصراط المستقيم ?(17).
وقد جعل القرآن الكريم الاستعانة هذه مظهراً من مظاهر العبادة وتجسيداً لها، قال تعالى:
?... ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين? (18).
ومن هنا حث القرآن الكريم على الدعاء قال تعالى:
?وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون? (19).
كما ربط القرآن الكريم هذا الموضوع (الفقر والضعف الإنساني والغنى والقدرة الربانية) بموضوع العبادة وتوحيدها، ورفض الشرك والأنداد في آيات كثيرة من القرآن الكريم، قال تعالى:
?ومالي لا أعبد الذي فطرني واليه ترجعون _ ءاتخذ من دونه ءالهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون?(20).
وقال تعالى: ?أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكفرون إلا في غرور _ أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور?(21).
ومن ذلك ما أشار إليه القرآن الكريم في مواضع عديدة إلى رفض الأنداد بسبب عجزهم وعدم قدرتهم على النفع والضرر والنصرة، ودعوة القرآن الكريم إلى التوكل على الله، لأنه القادر القوي على تلبية حاجات الإنسان، قال تعالى:
?قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم? (22).
وقال تعالى: ?قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشبه الخلق عليهم قل الله خلق كل شيء وهو الواحد القهر? (23).
وقال تعالى: ?ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل أفرءيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هنّ كشفت ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون? (24).
وقال تعالى: ?إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون?(25).
وقال تعالى: ?ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً? (26).
ولكن الإنسان من خلال تأثير (الهوى) وحركته على الأرض يغفل عن هذه الحقيقة ويشعر بأن القوة التي وهبها الله تعالى لـه قد مكنته من تسخير الكثير من معالم الطبيعة وإخضاعها لإرادته، كما استطاع ومن خلا تلك القوة أن يخضع الإنسان الآخر الضعيف لإرادته ويسخره لتحقيق أغراضه ويسيطر عليه ليستعبده بما يمتلكه من إمكانات وقدرات وقوة.
وقد أدى ذلك إلى انعكاس هذا الأمر على علاقته بما حوله من الأمور الكونية، فأصبحت القوة والقدرة مثالاً يقتدى به ويتبعه ويحس بالخضوع والتسليم، وهو يشعر في فطرته بالفقر والحاجة والضعف، فوجد أمامه مخلوقات تمتلك من الميزات والصفات ما لا يمتلك، وذلك كالقوة العظيمة والعمر الطويل أو التدخل المباشر القوي الذي لا يقهر في حياته وما شابه ذلك ؛ فأنشد نظره إلى هذه الموجودات وانبهر بها.
فمثلا عبد الإنسان الشمس والقمر، وغيرهما من الكواكب ذات التأثير البالغ على مجريات حياته، لأنه وجدها أقوى منه وأعظم من حجمه وقدرته وأطول عمراً وأكثر دواماً، فخضع لهن وعبدهن.
كما وجد الإنسان نفسه في بعض المراحل والأوقات ضعيفاً أمام الطغاة والجبابرة الذين قهروه بقدراتهم وسطوتهم، وهيمنوا عليه بأموالهم وثرواتهم وإمكاناتهم، فأتخذهم أرباباً لـه من دون الله تبارك وتعالى.
كما ارتبط الإنسان بأولياء وصالحين فاحترمهم وكرمهم، ولكن ما إن اطلع على أحوالهم وصفاتهم وقدراتهم، ووجد نفسه حقيراً أمام ما عندهم من صفات الكمال والسمو حتى انحرفت علاقته بهم، فعبدهم من دون الله تعالى، وقد ذكر في تاريخ الأقوام الذين سبقوا نوحاً ـ عليه السلام ـ أن هناك مجموعة من الأولياء الصالحين تحركوا في المجتمع لهدايته، فأثروا عليه، بحيث شعر الناس بالضعف المعنوي أمامهم، فأخذوا يكرمونهم ويقدسونهم، غير أن هذا التقديس والاحترام المأذون به شرعاً تطور إلى حالة من الخضوع والتقديس إلى درجة العبادة واتخاذهم آلهة من دون الله باعتقاد تأثيرهم المستقل عن الله تعالى، مع أن الخلق والقوة لله جميعاً والعبادة لله تعالى دون غيره، وهي محرمة لغيره كائناً من كان (27).
وبهذا الشكل تطور إشباع الإحساس بالفقر والحاجة والضعف من عبادة الله تعالى والانتماء إليه، إلى عبادة غيره من الأقوياء بسبب الهوى وتجاوز الحدود الفطرية التي أكدتها الهداية الإلهية، انسياقاً مع هوى الإنسان في استخدام القوة للتسخير والاستغلال، وهذا نوع من الشرك بالله تعالى على مستوى العبادة بالمعنى الأخص التي تعني الخضوع المقرون بالتقديس والإيمان بالتأثير المطلق في الخلق والكون.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا النوع من الشرك وتعدد الانتماء في عدة مواضع:
قال تعالى: ?ومن ءاياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون _ فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون لـه بالليل والنهار وهم لا يسئمون? (28).
وقال تعالى: ?ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار? (29).
وقال تعالى: ?اتخذوا أحبارهم ورهبنهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليبعبدوا إلها وحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون? (30).

تدخل الوحي الإلهي لمعالجة حالة الشرك

ويؤكد هذا الفهم في التحول الاجتماعي لحركة الإنسان التي أدت إلى الاختلاف، هو الشرك بالله تعالى على مستوى طاعة الهوى في اللذات والشهوات، وعلى مستوى عبادة الأنداد الوهميين في القدرة والقوة.
إننا نلاحظ أن الدعوة الأولى للأنبياء جميعاً وقبل كل شيء كانت إلى توحيد الله تعالى، لأن ذلك يمثل الأساس في بناء المجتمع الصالح المنسجم مع الحقيقة ومع الفطرة الإنسانية والتكامل الإنساني، وبناء المجتمع الواحد القادر على تحقيق أهدافه في العزة والكرامة الإنسانية وفي القوة والمنعة والتعاون بين أطرافه على البر والتقوى والانسجام في حركته.
ومن هنا نلاحظ في القرآن الكريم أن القضية الأولى التي طرحها الأنبياء ـ عليهم السلام ـ، وقبل عهد نوح ـ عليه السلام ـ وبعده (31)، هي قضية إعادة التوحيد إلى المجتمع البشري، وأن يقولوا للناس: اعبدوا الله وحده الذي لا إله إلا هو، من خلال شعار (لا إله إلا الله)، قال تعالى:
?لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره...? (32).
?والى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره...?(33).
?والى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره...?(34).
?والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره...?(35).
?الر كتاب أحكمت ءاياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير _ ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير? (36).
?ومآ أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا الله إلا أنا فاعبدون? (37).

ثانيا: الهوى وتأثيره على العلاقات الاجتماعية

تأثير الهوى على عنصر إقامة العلاقات الاجتماعية على أساس العبودية المخلصة لله تعالى وحده، وتحرير الإنسان من عبودية الأسماء.
قد ينحرف الإنسان في سلوكه الشخصي عن توحيد الله تعالى بتأثير الهوى، فيعبد أو يطيع غير الله تعالى من الآلهة الوهميين أو الشهوات واللذات، فيضع بذلك بذرة الاختلاف في المجتمع ـ كما ذكرنا في الحديث السابق ـ ولكن عندما يتطور هذا الأمر، فتصبح العلاقات الاجتماعية السائدة بين الناس، أو علاقة الإنسان مع أخيه الإنسان، ومع الكون والطبيعة، قائمة على أساس الشرك بالله تعالى والعبودية لغير الله سبحانه، فإن ذلك يؤدي حتماً إلى تمزق المجتمع وتعدده.
لذا طرح القرآن الكريم ـ كما عرفنا سابقاً ـ مسألة وجوب إقامة العلاقات الاجتماعية على أساس العبودية لله تعالى الواحد القهار، باعتبارها عنصراً من عناصر وحدته الاجتماعية، وهي ضمانة أساسية من ضمانات وحدة المجتمع الإنساني، حتى لو انحرف الإنسان في سلوكه الشخصي عن ذلك أحياناً، ونهى الجماعة الإنسانية عن اتخاذها للأرباب المتعددين والأسماء المتفرقين للمعبودين، التي لم ينزل الله بها من سلطان، قال تعالى:
?... أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار? (38).
وقال تعالى:
?إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان..? (29).
غير أن الإنسان وتحت تأثير الهوى، قد ابتدع أُسسا باطلة أخرى لعلاقاته الاجتماعية، جعلها شريكاً مع الله تعالى في هذه العلاقات، بدلاً من العبودية الخالصة لله وحده، فتفرق المجتمع واختلف بسببها.
ويمكن أن نشير بهذا الصدد إلى عدة ظواهر اجتماعية تعبر عن هذا النوع من الشرك في العلاقات الاجتماعية، تحدث عنها القرآن الكريم، يمكن أن نشاهدها في مختلف أدوار التاريخ الإنساني، حيث بدأت في تأثيرها ودورها في الاختلاف:
الظاهرة الأولى: الطاعة للطغاة والسادة الكبراء.
الظاهرة الثانية: الطاعة والركون إلى الشهوات والميول النفسية.
الظاهرة الثالثة: الولاء لغير الله ولأعدائه.
1 ـ الطاعة للطغاة والسادة والكبراء
جعل الإنسان ـ بعد أن أنحرف عن فطرته في الطاعة لله تعالى واللجوء إليه وإتباع أمره ونهيه ـ الطاعة للطغاة والمستكبرين والمتسلطين أو للسادة والكبراء من القوم المتمكنين أساساً جديداً لعلاقاته الاجتماعية، فضل عن الطريق المستقيم وتدهورت علاقات المجتمع تبعاً لذلك، واختل ميزان الوحدة فيه وحدث الاختلاف،قال تعالى:
?إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعاً يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين? (40).
?وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا _ ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيراً ? (41).
وقال تعالى ?ونادى فرعون في قومه قال يا قوم اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون _ أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين _ فلوا القي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين _ فاستخف قومه فاطاعوه إنهم كانوا قوما فسقين? (42).
وقال تعالى: ?.. ولو ترى إذا الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين _ قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددنكم عن الهدى بعد إذ جاء كم بل كنتم مجرمين _ وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا ان نكفر بالله ونجعل لـه أنداداً وأسروا الندامة لما رأوا العذاب...? (43).
فبعد أن اتهم المستضعفون المستكبرين بأنهم الذين أضلوهم وأخرجوهم من الإيمان بسبب طاعتهم إياهم، رد المستكبرون القول عليهم بأنهم وبسبب إجرامهم واتباعهم للهوى، ضلوا عن الهدى، بعد أن جاءهم من الله تبارك وتعالى، ولكن المستضعفين ردوا هذا الاتهام وحمّلوا المستكبرين مسؤولية ضلالهم، وانهم هم الذين كانوا وراء كفرهم، من خلال مكرهم في الليل والنهار وحثهم إياهم على الكفر والشرك بالله تبارك وتعالى، وجعل الأنداد لـه تقدست أسماؤه.
ويؤكد حقيقة علاقة الطاعة بالوحدة، الآيات القرآنية، الكريمة التي ربطت الوفاق والنجاح بالطاعة لله تعالى ورسوله، قال تعالى:
?وأطيعوا الله ورسوله ولا تنزعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم...? (44).
وقال تعالى: ?يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنزعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً? (45).
وقال تعالى: ?... فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله...? (46).
ويمثل اتجاه الطاعة للطغاة والمستكبرين في الحياة الاجتماعية، الحكم القائم على أساس الاستبداد والقهر المعبر عنه بـ(الدكتاتورية) سواء كان ذلك طغيان الفرد أو العشيرة أو الجماعة أو الطبقة أو الحزب أو غير ذلك من المصاديق والأمثلة.

2 ـ الطاعة للشهوات والميول النفسية

يرافق مسيرة الإنسان والاجتماعية أمران لابد منهما:
الأول: الحق المحيط به والعدل الذي يمثل المصالح القائمة في نفس الأمر والواقع، سواء كانت المصالح الخاصة به، أو بالجماعة بعد موازنتها، ليتحقق العدل والقسط.
الثاني: الرغبات والشهوات والميول الموجودة في نفس الإنسان التي أشرنا إليها في حديثنا السابق.
وقد يجعل الإنسان الحق والعدل هو الأساس في علاقته الاجتماعية، وحينئذٍ يصل إلى عبادة الله وحده من خلال هذا الحق، لأنه سبحانه هو الحق المبين، كما أن طاعته سبحانه وتعالى هي التي تحقق المصلحة للإنسان، لأن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد الواقعية المتعادلة، كما يشير القرآن الكريم إلى ذلك في عدد من الموارد، كقوله تعالى:
وقوله تعالى: ?ولو أن أهل الكتب ءامنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات النعيم _ ولو أنهم أقاموا التورة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم...?(47).
?ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذنهم بما كانوا يكسبون?(48).
وقوله تعالى: ? يايها الذين ءامنوا إن تتقوا لله يجعل لكم فرقاناً...?، وقوله تعالى: ?وأطيعوا الله ورسوله ولا تنزعوا فتفشلوا...?(49).
وقوله تعالى: ?إن الله يأمر بالعدل والأحسن وإيتاىء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون? (50).
وقوله تعالى: ?وإن هذه أمتكم أمة وحدة وأنا ربكم فاتقون? (51).
وقوله تعالى: ?فأتقوا الله وأطيعون _ ولا تطيعوا أمر المسرفين _ الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون? (52).
وقوله تعالى: ?... ومن يتق الله يجعل لـه مخرجاً? وقوله تعالى: ?... ومن يتق الله يجعل لـه من أمره يسراً ? (53).
ثم إنه بإقامة العلاقات على أساس هذا الحق والعدل والعبادة لله تبارك وتعالى وحده وإتباع الحق وجعله محور حركة الإنسان، يتوفر للمجتمع أحد عناصر وحدته المهمة، لأن الحق والعدل واحد لا يتعدد، وأما عندما يقيم علاقاته على أساس الميول والرغبات الخاصة أو الجماعة المحدودة، فهي متعددة ومتضادة ـ كما ذكرنا ـ فلن يكون مع الهوى والباطل والاختلاف والتضاد، مجال للنمو والتطور.
ثم أنه بوجود الحق يزهق الباطل وينهزم الاختلاف والتمزق، قال تعالى: ?وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً? (54)
أما حينما يجعل الإنسان الرغبات والشهوات والميول، هي الأساس في علاقاته الاجتماعية، فإنه سيبتعد عن الوحدة والتكامل، لأن هذه الرغبات زائلة وهي متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب، ومن هنا نجد القرآن يطرح الحق في مقابل الهوى، ويطرح الصلاح والخير مع الحق، والفساد والشر مع الباطل، لأن الحق لا يجتمع مع الهوى أبداً، ولن يحصل مع الهوى إلا الضلال والبطلان، قال تعالى:
?... فماذا بعد الحق إلا الضلال...? (55).
ولو افترض أن الحق كان مع الهوى وتابعاً لـه، أو تطابق معه، لأدى ذلك إلى فساد عام في السماوات والأرض وما فيهن، قال تعالى:
?ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن...? (56).
وبتحقق الفساد في الأرض وما فيها، يحصل الاختلاف والفرقة وسفك الدماء، قال تعالى، حكاية عن مخاوف الملائكة من آدم عندما وجدوا فيه هذه الميول والرغبات والإرادة الحرة:
?... قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء...? (57).
ولن يكون هذا الإفساد والاختلاف والفرقة وسفك الدماء إلا نتيجة طبيعية لارتباط إرادة الإنسان وعلاقاته بالميول والشهوات والرغبات وإتباع الهوى واتخاذه محوراً لحركته الاجتماعية، قال تعالى:
?ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس...? (58).
وبعبارة أخرى، فإن الناس وبعد أن تفضل الله تعالى عليهم بمختلف النعم، وأنزل عليهم من رحمته الواسعة، وحباهم بالإمكانات والقدرات المتنوعة، انقسموا إلى قسمين:
الأول: وهو الذي بقي يذكر الله تعالى ويتبع أوامره ونواهيه، فيما يجده من نعم وخيرات ورحمة واسعة، ولم يتخل عن إرادة الله تعالى، التي تمثل الحق والعدل، وجعلها محوراً لعلاقاته مع الكون ومع أخيه الإنسان من خلال كونه مستخلفاً في هذه النعم من قبله تبارك وتعالى في ذلك.
الثاني: وهو الذي نسي الله عز وجل، فاتبع ميوله ورغباته وشهواته، فيما وجد من الأموال والأولاد والراحة والدعة، وما إلى ذلك من النعم التي أفاضها الله عليه، واتخذ هواه قائداً لـه وأساساً ومحوراً لعلاقاته الاجتماعية.
وبسبب وجود هذا القسم من الناس في المجتمع، اختلف الإنسان مع أخيه الإنسان، لتعدد الميول والشهوات وتضاربها وتضادها في الواقع الخارجي، لأن منها شهوة التسلط والاستخدام التي تتولد من حب النساء والأموال والأولاد، إذ لا يوجد لدى هؤلاء ما يحفظ وحدتهم وانسجامهم كالحق والعدل كما في القسم الأول.
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الظاهر الاجتماعية وأسبابها وآثارها في عدة مواضع منه، ونشير هنا إلى مقارنة بين بعض الآيات التي وردت في سورتي الأنبياء والمؤمنون، وبعض الآيات الأخرى التي وردت في سورة الروم والتي تهدينا إلى هذه الظاهرة الاجتماعية الإنسانية.
فقد ورد في سورة الأنبياء والمؤمنون:
قولـه تعالى: ?إن هذه أمتكم أمة وحدة وأنا ربكم فاعبدون _ وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون?(59).
وقوله تعالى: ?وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربك فاتقون _ فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون? (60).
حيث نلاحظ في كلا هذين الموردين، أن الدعوة إلى عبادة الله وحده وتقواه دون غيره، جاءت بعد تأكيد وحدة الأمة والجماعة، الأمر الذي يدل على وجود الارتباط الوثيق بين هذه الوحدة والإخلاص في العبودية والطاعة.
كما نلاحظ في كلا الموردين، أن القرآن الكريم يعقب على هذه الدعوة والارتباط بين الوحدة والإخلاص في العبودية والطاعة، بأن الإنسان اختار التقطع في أمره والتفرق والتمزق في مجتمعه ؛ ولكن لم تتم الإشارة إلى العامل المؤثر في هذا الاختيار الإنساني في المورد الأول منها بصورة واضحة، ولكن في المورد الثاني منها جاءت الإشارة إلى السبب واضحة في قولـه تعالى:
?فذرهم في غمرتهم حتى حين _ أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين _ نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون? (61).
ويؤكد ذلك بالموقف من (المترفين)، قولـه تعالى:
?حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجئرون? (62).
ثم يذكر القاعدة التي تتحكم في هذه العلاقات الاجتماعية وارتباطها الحقيقي بالله وأثرها على الأوضاع الاجتماعية والكونية، وهي قاعدة الحق في مقابل الهوى والشهوات والميول النفسية، قولـه تعالى:
?ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكر فهم عن ذكرهم معرضون? (63).
وتصبح الصورة أكثر وضوحاً عندما نقارن هذا بما ورد في سورة الروم التي يتحدث فيها القرآن الكريم... فيما يتحدث عن النعم الجزيلة التي تفضل بها على الإنسان، فيستعرضها كآيات على وحدانية الله وقدرته (64)، ويختم ذلك بقوله تعالى:
?بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين _ فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون _ منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلوة ولا تكونوا من المشركين _ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون _ وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذ أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون _ ليكفروا بماء آتيناهم فمتمتعوا فسوف تعلمون? (65).
فهذا المقطع القرآني الذي يتحدث عن نعم الله التي هي آياته الهادية إلى وحدانيته والوهيته وضرورة عبادته، قد اتبع فيها الذين ظلموا أهواءهم التي هي شهواتهم وميولهم النفسية، فأضلهم الله بذلك فلا هادي لهم ولا ناصر.
ثم يؤكد القرآن الكريم ضرورة التزام منهج الفطرة الإلهية، الذي يؤكد العبودية الخالصة لله تعالى والرجوع إليه، والتزام منهج التقوى والعبادة الخالصة لله تعالى دون الشرك.
وهنا يشير القرآن الكريم إلى طبيعة هذا الشرك وآثاره، فهو (شرك اجتماعي) في مقابل (التوحيد الاجتماعي) ؛ لأنه شرك يؤدي إلى التفرق في العبادة لـه تعالى في العمل، ويؤدي إلى تقسيم المجتمع إلى طوائف وشيع وأحزاب، وهو شرك يقوم على قاعدة التحزب لما يفرح الإنسان ويرضي شهواته وميوله في هذه الدنيا.
ولا يكتفي القرآن الكريم بهذه الإشارة إلى طبيعة الشرك وآثاره حتى يوضح سببه الذي يرتبط بموضوع البحث، وهو عبادة الشهوات والميول والركون إلى الرحمة والنعمة المادية، فهو شرك اجتماعي يتخذ مظهر الركون إلى هذه الرحمة، وذلك بيان تأثير الضر والرحمة على الإنسان نفسياً واجتماعياً ?وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون?، ويؤكد القرآن الكريم بعد ذلك أن هذا الركون في حقيقته كفر بهذه النعم الإلهية، وينذرهم بالتمتع بها قليلاً فسوف يعلمون مصيرهم في المستقبل.
ولعل من أفضل مصاديق هذا الشرك الاجتماعي الذي يجسد هذه الظاهرة في إقامة العلاقات الاجتماعية على أساس الرغبات والميول والأهواء الذاتية هو الأنظمة الرأسمالية التي تؤمن بالحرية الشخصية والمصلحة الخاصة ومقياس المنفعة المادية، وتدعو للاستزادة منها والطغيان فيها واتخاذها أساساً للعلاقات الاجتماعية، مدعية أن هذه المصالح الخاصة قادرة على تنظيم هذه العلاقات، وتوجيهها بما يحفظ وحدة المجتمع الإنساني ومصالحه.

3 ـ تعدد الولاءات

وينتج بسبب هذا التعدد والاختلاف في المجتمع الإنساني ـ سواء كان ذلك بسبب الطاعة للسادة والكبراء والخضوع والتقديس لهم، أو بسبب الاتباع للميول والشهوات ـ ظاهرة اجتماعية، ترسخ حواجز الاختلاف وتعمق جذوره، وهي ظاهرة (تعدد الولاءات) في المجتمع بصورة متباينة ومتضادة.
فإن الولاء للشيء يبدأ من العلاقة الوثيقة بالشيء وحبه، حتى يصبح الشيءجزءاً من ذات الإنسان ووجوده، ويتطور إلى حد الشهور والإحساس بوجود التعهد والميثاق مع الشيء والاعتقاد بوجوب حمايته ونصرته والدفاع عنه، ثم يتطور ذلك إلى ظاهرة اجتماعية و(قاعدة) تقوم عليها العلاقات الاجتماعية في المجتمع وتتصنف على أساسها، بدلاً من الولاء للحق والعدل والقيم والمثل والمبادئ.
والولاء في حده الأولي الفطري من حب الآباء والأبناء والأخوان والأزواج والعشيرة والمال والوطن... أمر طبيعي وجائز، بل هو أمر محبوب لدى الشارع المقدس، لأن الله تعالى زين للإنسان حب هذه الأمور، وحبب لـه ذلك في بعض الموارد، وأجاز لـه ذلك في الأمور مثل قولـه تعالى:
?زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين...? (66).
وقوله تعالى:
?قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين ءامنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة...? (67)، كما أنه وردت نصوص في حب الآباء والأبناء والعشيرة والأوطان..
ولكن هذا الحب عندما يكون في إطار حب الله تعالى والحق والعدل وامتداد لـه، فهو ولاء لله ومنسجم مع الفطرة، وينتهي بالإنسان إلى الوحدة الاجتماعية، ولا يكون أساساً للعلاقات الاجتماعية العامة في المجتمع الإنساني، أما إذا كان هذا الولاء في مقابل الولاء والحب لله تعالى والحق والعدل، أو تحول إلى أساس للعلاقات الاجتماعية، فهو ولاء منحرف عن الفطرة الإنسانية ومقتضياتها العبادية في الخضوع والتقديس لله تعالى وحده، وإقامة العلاقات الاجتماعية على أساس هذه العبودية ويؤدي بطبيعة الحال إلى تفرق المجتمع وانقسامه بسبب تعدد هذه الولاءات.
وبهذا البيان تتضح حقيقة ما أشار إليه القرآن الكريم من وحدة (حزب الله) الذي يعني الولاء لله تعالى، لأن معنى الحزب هو هذا الولاء، لأن الله واحد والحزب واحد، وتعدد ( أحزاب الشيطان والباطل) بسبب تعدد هذه الولاءات، حيث نلاحظ أن القرآن الكريم لا يتحدث عن حزب الله إلا بصيغة المفرد، ولكن عندما يتحدث عن حزب الشيطان والباطل يتحدث عن أحزاب متفرقة ومتعددة، كما يتضح بذلك تفسير وجود ظواهر الولاء السياسي (أي على مستوى العلاقات الاجتماعية العامة) (68) للقوم، والعشيرة، والوطن، ورأس المال، أو غيرها من الولاءات الأرضية.
فقد أشار القرآن الكريم في عدة مواضع، أن أساس (الجماعة المؤمنة) هو (الولاء) لله تعالى، وكذلك الولاء لما أمر الله تعالى بولائه اجتماعياً وسياسياً، لأنه امتداد للولاء الإلهي، كالولاء للرسول ولأُلي الأمر وللمؤمنين، أو لما أمر الله بولاءه، في حد الحب والنصرة.
قال تعالى: ?إنما وليكم الله ورسوله والذين ءامنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون _ ومن يتول الله ورسوله والذين ءامنوا فإن حزب الله هم الغالبون ? (69).
وقال تعالى: ?والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم? (70).
وقال تعالى: ?يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم...? (71).
وقال تعالى: ?الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النارهم فيها خلدون ? (72).
وأكد القرآن الكريم بالإشارة إلى ضرورة البراءة من أعداء الله ومن يتولاهم، كما جاء في ـ قصة إبراهيم ـ عليه السلام ـ قولـه تعالى:
?يايها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم ومآ أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل _ إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم والسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون _ لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير _ قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العدوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا واليك أنبنا واليك المصير? (73).
وأنكر القرآن الكريم على الناس أن يتخذوا (الولاءات الأخرى) أساساً للعلاقة الاجتماعية السياسية وأخرجهم من صفة الإيمان بالله تعالى إلى الكفر والضلال، بخلاف أولئك الذين يتخذون الولاء لله تعالى قاعدة لعلاقاتهم الاجتماعية العامة، فانهم المؤمنون حقاً المؤيدون بروح الله تعالى الصائرون إلى الجنان والرضوان الإلهي وهم حزب الله المفلحون.
قال تعالى: ?لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يو آدون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءاباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الأيمان وأيدهم بورح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون?(74).
كما أن القرآن الكريم أشار إلى ضرورة تقديم الولاء لله تعالى على جميع الولاءات الأخرى ـ حتى الولاءات الصالحة ـ في حركة الإنسان الاجتماعية، وبدون ذلك يخرج الإنسان عن مقتضيات الفطرة الإنسانية الحقة والتي يعبر عنها القرآن الكريم بالفسق، ويعيش حالة الحيرة والضلال.
قال تعالى: ?يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون? (75).
ثم يؤكد القرآن الكريم هذا الأمر، فيعطي في الآية الأخرى التي تليها القاعدة الكلية في موضوع الولاء:
?قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخونكم وأزوجكم وعشيرتكم وأمول اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى ياتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين? (76).
وبذلك تختلف (الجماعة المؤمنة) عن (الجماعة الكافرة) الظالمة الفاسقة التي تتخذ الولاءات الأخرى أساساً لعلاقاتها الاجتماعية العامة من دون الله وتتحول إلى (أحزاب) وشيعاً تفرح بما لديها من هذه الولاءات، ولكنها تتعرض إلى التمزق والتفرق، وتصبح زبراً وجماعات، وتتحول إلى حزب الشيطان، وتتصف بالخسران والذل وتلاقي العذاب الأليم.
قال تعالى: ?استحوذ عليهم الشيطان فأنسهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان إلا إن حزب الشيطان هم الخسرون _ إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين? (77).
وقال تعالى: ?وإن هذه أمتكم أمة وحدة وأنا ربكم فاتقون _ فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً كل حزب بما لديهم فرحون? (78).
وقد وصف الله تعالى الاختلاف في عيسى ـ عليه السلام ـ وبعده:
?فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ? (79).
وهكذا تعبر ظاهرة تعدد الولاءات عن اختلال واضح في المبدأ التوحيدي للمجتمع، وهو اتخاذ العبودية لله تعالى والطاعة لـه محوراً لحركة الإنسان الاجتماعية، هذا المبدأ الذي كان من عوامل الوحدة الفطرية للمجتمع، وتبرز بذلك مظاهر الفرقة والاختلاف.

ثالثاً: تأثير الهوى على عنصر (المساواة)

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس من أصل واحد، فهم جميعاً من تراب وطين لازب، كما أنهم جميعاً من ذكر وأنثى، وقد كرمهم وفضلهم سبحانه على كثير من مخلوقاته، كما شرحنا ذلك في الباب الأول.
قال تعالى: ?يايها الناس إنا خلقنكم من ذكر وأنثى وجعلنكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم...? (80).
وقوله تعالى: ?ولقد كرمنا بني ءادم وحملنهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلنهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً? (81).
وقد ورد عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أن لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود، وكلكم من آدم وآدم من تراب.
وقد كان ذلك سبباً في شعور الإنسان بالمساواة تجاه أخيه الإنسان في بداية أمره، دون امتياز أو تعال.
ولا يعني هذا الشعور بالمساواة ـ بطبيعة الحال ـ عدم حصول امتيازات لبعض الناس على بعض، من خلال صفات مكتسبة ذات حقيقة ثابتة أو مؤثرة، وضعها الله تعالى في حركة الإنسان ونشاطه ـ كما أشرنا سابقاً ـ والتي يمكن تصنيفها إلى مجالين:
الأول: المجال المادي الدنيوي الذي يقتضي فيه أن سعي الإنسان في الكسب وبذلك الجهد والنشاط في أعمار الأرض وحيازة المال وإنتاجه، يكون سبباً في حصوله على مزيد من المال والثروة، بمقتضى القانون الإلهي الذي يفرض للإنسان نتاج سعيه وعمله، وأن يأخذ الساعي أكثر من المهمل الخامل الكسول، فيمتاز عليه بذلك.
قال تعالى: ?هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه واليه النشور? (82).
وقال تعالى: ?أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمت ربك خير مما يجمعون? (83).
وقال تعالى: ?والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برآدي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون? (84).
الثاني: المجال المعنوي، وهي قضايا حقيقية دائمة البقاء والثبوت، وتوجب الفضل والامتياز في الكمال الإنساني، من قبيل العلم.
قال تعالى ?... قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون...? (85).
والجهاد في سبيل الله.
قال تعالى: ?... وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً? (86).
والطاعة، قال تعالى: ?... ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً? (87).
والتقوى، قال تعالى: ?... إن أكرمكم عند الله أتقاكم...? (88).
وأما في غير هذين المجالين، أعني: السعي في المجال المادي والقضايا المعنوية الحقيقية الموجبة للامتياز، فلا امتياز لأحد على أحد، وقد أشرنا سابقاً إلى ذلك.
ولكن هذا الامتياز المكتسب لا يعطي امتيازاً في الهوية الإنسانية، ولا يصنف الناس إلى طبقات اجتماعية، بحيث يصبح ذلك أساساً للعلاقات الاجتماعية، باستثناء امتياز (الإيمان) الذي يرجع إلى قضية إقامة العلاقات الاجتماعية على أساس توحيد الله تعالى وعبادته الخالصة، نعم قد تعطي هذه الامتيازات حقوقاً في الاحترام والتكريم.
غير أن الإنسان ومن خلال حركته داخل المجتمع، وبسبب انسياقه مع الهوى، اختل لديه هذا الشعور والإحساس بالمساواة مع أخيه الإنسان، واتخذ لنفسه عوامل وأسباباً أخرى خاطئة للتفاضل والامتياز، لم يجعلها الله سبحانه وتعالى، ولم يقبلها منه.

پاورقيها:

1 ـ الميزان ج 2: 118، الأعلمي.
2 ـ المصدر السابق ج 1: 117.
3 ـ الأحزاب: 72.
4 ـ خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء: 33، للشهيد الصدر، الخيام.
5 ـ المؤمنون: 91.
6 ـ آل عمران: 14.
7 ـ وهذا هو من الشرك في الطاعة في مقابل التوحيد لله تعالى فيها، وهو شرك في العبادة بمعناه العام الشامل للإتباع والطاعة.
8 ـ القصص: 50.
9 ـ الكهف: 28.
10 ـ الأعراف: 175 ـ 176.
11 ـ فاطر: 15 ـ 19.
12 ـ النساء: 28.
13 ـ الأنعام 63.
14 ـ يونس: 12.
15 ـ النمل: 62.
16 ـ النحل: 53.
17 ـ الفاتحة: 5 ـ 6.
18 ـ غافر: 60.
19 ـ البقرة: 186.
20 ـ يس: 22 ـ23.
21 ـ الملك: 20 ـ 21.
22 ـ المائدة: 76.
23 ـ الرعد: 16.
24 ـ الزمر: 38.
25 ـ آل عمران: 160.
26 ـ الطلاق: 3.
27 ـ إن موضوع العبادة غير موضوع الاستشفاع وطلب الشفاعة من الصالحين أو إكرامهم واحترامهم وتقديسهم، فإن هذا الأمر قد حث عليه الشارع المقدس ورغب فيه في بعض الموارد، حيث جعل الله سبحانه وتعالى الشفاعة والمقامات العالية المحمودة لمن إرتضى منهم قال تعالى: ? يؤمنذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن لـه الرحمن ورضي لـه قولاً?، طه: 109. وقال تعالى: ?ومن اليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محموداً ? الإسراء:79. ولذلك لابد في هذا الموضوع من التقيد بالنصوص الشرعية القرآنية والنبوية التي توضح موارد ومصاديق هذا الاحترام والتقديس والاستشفاع لضمان عدم الانحراف في ذلك.
28 ـ فصلت: 37 ـ 38.
29ـ الزمر: 3.
30 التوبة: 31.
31 ـ يمثل نوح ـ عليه السلام ـ أول نبي جاء برسالة سماوية عالجت حالة الاختلاف الاجتماعي بعد أن سيطر الاختلاف على المجتمع، وخرج الإنسان من دور الوحدة الفطرية، ويذهب إلى ذلك العلامة الطباطبائي قدس سره الذي يرى أن الرسالات بدأت من نوح ـ عليه السلام ـ، ويستشهد بما ورد في القرآن الكريم من ذكر نوح ـ عليه السلام ـ كأول رسول من أولي العزم.
32 ـ الأعراف: 59.
33 ـ المصدر السابق: 65.
34 ـ المصدر السابق: 73.
35 ـ المصدر السابق: 85.
36 ـ هود: 1 ـ 2.
37 ـ الأنبياء: 25.
38 ـ يوسف: 39.
39 ـ النجم: 23.
40 ـ القصص: 4.
41 ـ الأحزاب: 67 ـ 68.
42 ـ الزخرف: 51 ـ 54.
43 ـ سبأ: 31 ـ 33.
44 ـ الأنفال: 46.
45 ـ النساء: 59.
46 ـ الأنفال: 1.
47 ـ المائدة: 65 ـ 66.
48 ـ الأعراف: 96.
49 ـ الأنفال: 29 و 46.
50 ـ النحل: 90.
51 ـ المؤمنون: 52.
52 ـ الشعراء: 150 ـ 152.
53 ـ الطلاق: 2 و4.
54 ـ الإسراء: 81.
55 ـ يونس: 32.
56 ـ المؤمنون: 71.
57 ـ البقرة: 30.
58 ـ الروم: 41.
59 ـ الأنبياء: 92 ـ 93.
60 ـ المؤمنون: 52 ـ 53.
61 ـ المصدر السابق: 54 ـ 56.
62 ـ المصدر السابق: 64.
63 ـ المصدر السابق: 71.
64 ـ راجع الآيات 18 ـ 28 من سورة الروم.
65 ـ الروم: 29 ـ 34.
66 ـ آل عمران: 14.
67 ـ الأعراف: 32.
68 ـ وردت كلمة الأحزاب في القرآن الكريم أحد عشرة مرة وكلها في موارد الولاءات المنحرفة.
69 ـ المائدة: 55 ـ 56.
70 ـ التوبة: 71.
71 ـ النساء: 59.
72 ـ البقرة: 257.
73 ـ الممتحنة: 1 ـ 4.
74 ـ المجادلة: 22.
75 ـ التوبة: 23.
76 ـ التوبة: 24.
77 ـ المجادلة: 19 ـ 20.
78 ـ المؤمنون: 52 ـ 53.
79 ـ مريم: 37.
80 ـ الحجرات: 13.
81 ـ الإسراء: 70.
82 ـ الملك: 15.
83 ـ الزخرف: 32.
84 ـ النحل:71.
85 ـ الزمر: 9.
86 ـ النساء: 95.
87 ـ الأحزاب: 71.
88 ـ الحجرات: 13.

مقالات مشابه

اعجاز قرآن در سنت‌های اجتماعی

نام نشریهقرآن و علم

نام نویسندهجواد ایروانی, سیدابوالقاسم حسینی زیدی

منبع شناسی قرآن و علوم اجتماعی

نام نشریهقرآن و علم

نام نویسندهفاضل حسامی, مجتبی روحانی‌زاده, حسین فخر زارع

العقد الاجتماعی والقرآن الکریم

نام نشریهالمعارج

نام نویسندهمحمدسلیم الأمین

طرح جامعه شناسی در قرآن کریم

نام نشریهمشکوة

نام نویسندهاحمد حامد مقدم

مروری بر مسائل اجتماعی در تفسیر «المیزان»*

نام نشریهمشکوة

نام نویسندهابراهیم عباسی حسینی

المجتمع و التاريخ في المنظر القرآني

نام نشریهالتوحید(عربی)

نام نویسندهمحمدتقی مصباح یزدی

الیات التأثیر الجماهیری فی القرآن الکریم

نام نشریهرسالة القرآن

نام نویسندهالسیدمحیی‌الدین المشعل