مراحل تأریخ الانسان فی القرآن

پدیدآورمحمدمهدی الأصفی

نشریهالفکر الاسلامی

شماره نشریه10

تاریخ انتشار1389/12/07

منبع مقاله

share 1499 بازدید
مراحل تأریخ الانسان فی القرآن

محمد مهدی الآصفی

« کان الناس امةً واحدةً فبعث اللّه‏ النبیین مبشّرین ومنذرین ...»(1).
حینما نقرأ کتاب اللّه‏ المجید نجد أنه ذکر اربع مراحل متمیّزة لتأریخ البشریة هی :
1 ـ مرحلة ( المیثاق ) الفطری : وتبدأ بنبیّ اللّه‏ آدم علیه‏السلام .
2 ـ مرحلة ( الشهادة ) : وتبدأ بنبیّ اللّه‏ نوح علیه‏السلام .
3 ـ مرحلة ( الامامة ) : وتبدأ بنبی اللّه‏ ابراهیم علیه‏السلام .
4 ـ مرحلة ( الوراثة ) : وتبدأ بظهور الامام المهدی من آل محمد عجل اللّه‏ فرجه .
ان هذه المراحل تتمیّز ببدایاتها ، ولکنّها تتداخل فی امتداداتها ، أی : ان المرحلة الاولی اذا کانت قد بدأت بآدم علیه‏السلام ، فانها لا تنتهی برسالة نوح علیه‏السلام ، وانما یضیف اللّه‏ تعالی منذ عصر نوح علیه‏السلام عاملاً جدیدا فی حیاة الانسان لهدایته، وتوجیهه الی التوحید، وذلک هو عامل ( الشهادة ) ، ثم یضیف عاملاً ثالثا هو عامل ( الامامة ) وزعامة حرکة التوحید منذ بعث ابراهیم علیه‏السلام .
ان العوامل الثلاثة الاولی قد اجتمعت وتواصلت فی حیاة الانسان منذ مبعث رسول اللّه‏ ابراهیم علیه‏السلام فکانت المرحلة الثالثة من حیاة البشریة ، والمرحلة الرابعة ستکون علی ید الامام المهدی المنتظر عجل اللّه‏ فرجه الذی یطهّر الارض من الشرک ، وهی مرحلة المیراث حیث یرث الارض وما علیها . قال تعالی :
« ولقد کتبنا فی الزبور من بعد الذکر أنّ الارض یرثها عبادی الصالحون »(1).

المرحلة الاولی :

المیثاق :

« وإذ أخذ ربّک من بنی آدم من ظهورهم ذرّیتهم وأشهدهم علی انفسهم الست بربّکم قالو بلی شهدنا ان تقولوا یوم القیامة إنّا کنا عن هذا غافلین »(2) .
فی آیة المیثاق نواجه العهد الذی اخذه اللّه‏ تعالی من الانسان .
ومضمون هذا العهد او المیثاق :
الاقرار بربوبیة اللّه‏ تعالی وبالعبودیة له من الناحیة التکوینیة ، والإذعان لطاعته تعالی من الناحیة التشریعیة . إنّ العلاقة العقلیة واضحة بین هذین الامرین ، حیث إنّ الانسان اذا ما اعترف للّه‏ تعالی بالربوبیة لزمه بحکم العقل ان یلتزم بالطاعة له . والعلاقة التکوینیة بین الخالق وخلقه تستتبع علاقة تشریعیة بطاعة المخلوق لخالقه فیما یشرع له من اوامر ونواهٍ .
إنّ هذا المیثاق هو أساس دعوة الانبیاء علیهم‏السلام ورسالات اللّه‏ ، فمهمّة الانبیاء تذکیر الناس بعهدهم الفطری مع اللّه‏ .
ولنقرأ ما تضمنته الآیة الکریمة :
تتناول آیة المیثاق اربع نقاط اساسیة :
1 ـ مطالبة اللّه‏ تعالی ، ذریة آدم علیه‏السلام بالاقرار بحقیقة الربوبیة وسؤاله عنها « الست بربّکم » .
2 ـ الاقرار التام بهذه الحقیقة « قالوا بلی » .
3 ـ شهادة الانسان علی نفسه « شهدنا » .
4 ـ احتجاج اللّه‏ تعالی علیهم باقرارهم والشهادة یوم القیامة « ان تقولوا یوم القیامة إنّا کنّا عن هذا غافلین » .
ویختلف المفسّرون فی ظرف هذا الاقرار والشهادة ، فیذهب بعضهم الی أنه کان قبل خلق آدم علیه‏السلام ، حیث استخرج اللّه‏ سبحانه وتعالی الذریّة من الظهور کهیئة الذر ، وأخذ منهم العهد والمیثاق ، وأشهدهم علی انفسهم .
ونعتقد أنّ الآیة المبارکة تستعرض هذا الامر بلغة الرمز ، وهی لغة مألوفة فی التعبیر القرآنی لمن یحسن فهمه .
فهذا الاقرار ، والشهادة قد جریا بصورة فطریة . اذ أقرّ الانسان ـ مخلوق اللّه‏ ـ بالربوبیة وحق الطاعة للّه‏ تعالی فی عمق فطرته .
ولا یختص هذا الاقرار بمرحلة سابقة من مراحل الخلق ، وانما هو أمرٌ مستمرٌ متواصل یجری فی عمق فطرة کل انسان بصورة طبیعیة ، فی مرحلة من مراحل النضج الفطری حیث تنفتح فطرة الانسان علی اللّه‏ عز وجل ، لولا ان تصدها العوامل الاخری وتأثیراتها فتفسدها .
ان العقل یجری فی هذا الاقرار والاشهاد بموجب حکم الفطرة .
والذی نود الاشارة الیه ، هو أنّ الاقرار بالربوبیة والطاعة ، والشهادة علی ذلک یجریان فی فطرة وعقل کل انسان بدون استثناء ، غیر ان عوامل التحریف والصد تفسد علی الانسان فطرته ، فیحتاج الی تذکیر بمقتضیات حکم الفطرة .
ولکن الانسان فی المرحلة الاولی ـ حیث لم تتعقد الحالة الحضاریة بعد فی حیاته ، ولم تفسد فطرته ، ولم تتکاثر علیه عوامل الصد والتحریف ـ کانت فطرته کافیة فی توجیهه وهدایته الی ربوبیة اللّه‏ تعالی ، وفی التزامه بطاعة اللّه‏ وعبادته ، وهذا هو مضمون المیثاق الفطری ، الا ان الانسان فی تلک المرحلة لم یکن بحاجة الی اکثر من عامل الفطرة فیالاقرار والالتزام بتوحید اللّه‏ وعبادته وطاعته .
إنّ هذه المرحلة هی مرحلة حاکمیة الفطرة ، وقد استمرت منذ آدم علیه‏السلام الی ما قبل عصر نوح علیه‏السلام . وکان الناس فی هذه الفترة امة واحدة علی دین الفطرة وهداها ؛ یقول تعالی : « کان الناس امة واحدة ، فبعث اللّه‏ النبیین مبشرین ومنذرین وانزل معهم الکتاب بالحق لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه ... »(1) .
وبیَّن ان الآیة الکریمة تشیر الی مرحلتین فی تأریخ الانسان :
الاولی : عندما کان الناس امة واحدة .
الثانیة : عندما اختلفوا فبعث اللّه‏ النبیین مبشرین ومنذرین یحملون کتاب اللّه‏ لیحکموا بین الناس فیما اختلفوا فیه .
إنّ المرحلة الاولی هی مرحلة الفطرة التی کان الناس فیها امة واحدة ، لم تتعقد حیاتهم ولم تتطوّر حضارتهم ولم تفسد فطرتهم ، ولم یظهر الاختلاف بینهم .
فیما تمثل المرحلة الثانیة انتقال الناس الی حالة حضاریة اکثر تعقیدا إذ بدأ الاختلاف وتلوثت الفطرة .

المرحلة الثانیة :

الشهادة :

« کان الناس امة واحدة ، فبعث اللّه‏ النبیین مبشرین ومنذرین وانزل معهم الکتاب بالحق لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه وما اختلف فیه الا الذین اوتوه من بعد ما جاءتهم البیّنات بغیا بینهم ... »(1) .
أربع حقائق تتجلی فی الآیة الکریمة ، هی :
1 ـ تشیر اولاً الی وحدة البشریة بالفطرة علی خط عبادة اللّه‏ وتوحیده « کان الناس امة واحدة » . وفی هذه المرحلة ـ وهی المرحلة الاولی ـ کان الناس یعبدون اللّه‏ عز وجل ویطیعونه ویوحدونه علی الفطرة .
2 ـ وتشیر ثانیا الی أنّ الناس قد انحرفوا فیما بعد عن مقتضی الفطرة ، ودبّ الاختلاف بینهم ، فضعفت وفسدت فطرتهم ، الامر الذی یعنی نهایة المرحلة التی کانت فیها الفطرة هی السائدة والحاکمة فی حیاة الانسان .
وکان لا بد من دخول عامل جدید فی حیاة الانسان الی جانب الفطرة ، لهدایته الی اللّه‏ سبحانه وتعالی .
اما السبب فی ضعف الفطرة وفسادها وانحراف الناس عنها فهو الاختلاف « لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه » .
ونری فی معنی هذا الاختلاف : أنّ الناس کانوا یعیشون فی هذه المرحلة حیاة بدائیة بسیطة ، فلمّا تعقدت حیاتهم وتشعبت علاقاتهم ، وظهرت عناصر جدیدة فی حیاتهم ، ظهر ( الظلم ) بینهم ، وتجاوز بعضهم علی بعض .
و( الظلم ) ظاهرة اجتماعیة لها اسبابها وآثارها ونتائجها .
فاما الاسباب فهی ( الهوی ) ، ولولا ( الهوی ) لم یظهر الظلم فی حیاة الانسان واما الآثار فـ ( الاستکبار ) ؛ لان الظلم یستتبع دائما وجود فئة ( مستکبرة ) فی المجتمع ، تعتدی علی حقوق الآخرین ، وتتجاوز علی حدود اللّه‏ تعالی .
ونتیجة ( الظلم ) و( الهوی ) و( الاستکبار ) : ( الفساد ) فی النفس والمجتمع ، وبرز الانحراف فی حیاة الانسان عن خط الفطرة فی نقطتین :
الاولی : فی استبدال حاکمیة اللّه‏ تعالی بحاکمیة الطاغوت ؛ وهذه الحالة تبرز بتأثیر من نفوذ الطاغوت فی المجتمع .
الثانیة : فی الانحراف عن خط العدل والحق الی الظلم والتجاوز .
وهذه النقطة تبرز نتیجة نفوذ الهوی فی حیاة الانسان .
وبذلک ظهر الاختلاف فی المیثاق الفطری الذی کان قائما بین اللّه‏ تعالی والانسان ، ولم تعد الفطرة بعد أنْ أضعفها الفساد کافیة فیتوجیه الانسان وتعبیده للّه‏ تعالی وهذا هو فیما اعتقد تفسیر الاختلاف الذی تُحدثنا عنه الآیة الکریمة .
وعن هذه المرحلة من سیادة الفطرة علی حیاة الانسان ، وما یعقبها بعد ذلک من الاختلاف یقول تعالی : « وما کان الناس إلاّ اُمةً واحدة فاختلفوا ولو لا کلمةٌ سبقت من ربّک لقُضی بینهم فیما فیه یختلفون »(1) .
والکلمة التی سبقت القضاء هی قوله تعالی : « ... ولکم فی الارض مستقر ومتاع الی حین »(2) .
3 ـ ولما دخل الاختلاف باسبابه ونتائجه حیاة الانسان وأفسد علیه سلامة فطرته ، أرسل اللّه‏ تعالی النبیین مبشرین ومنذرین الی الناس .
ورسالة هؤلاء النبیین دعم وإسناد الفطرة ، وبعثها وإثارتها ، بعد ان افسدها الاختلاف واضعفها .
وهؤلاء النبیون هم ( الشهداء ) ، وهذه المرحلة من حیاة الانسان بدایة مرحلة ( الشهادة ) .
یقول تعالی : « فکیف اذا جئنا من کل امة بشهید ، وجئنا بک علی هؤلاء شهیدا »(1) .
« ... وکنتُ علیهم شهیدا ما دمت فیهم فلما توفیتنی کنت انت الرقیب علیهم ، وانت علی کل شیء شهید »(2) .
« ویوم نبعث فی کل اُمة شهیدا علیهم من انفسهم ، وجئنا بک شهیدا علی هؤلاء ، ونزّلنا علیک الکتاب تبیانا لکل شیء ، وهدیً ورحمة وبشری للمسلمین »(3) .
« انا انزلنا التوراة فیها هدی ونورٌ یحکم بها النبیون الذین اسلموا للذین هادوا والربانیون والأحبار بما استُحفِظوا من کتاب اللّه‏ وکانوا علیه شهداء ... »(4) .
« وأشرقت الارض بنور ربّها ووضع الکتاب وجیء بالنبیین والشهداء وقُضی بینهم بالحق وهم لا یُظلمون »(5) .
وسوف نتحدث ان شاء اللّه‏ عن الشهادة ، ومعناها ، ورسالة الشهداء ، ومسؤولیاتهم فی الدنیا والآخرة ، ولکن لا بد ان نذکر هنا أنّ رسالة هؤلاء الشهداء فی الدنیا تهدف الی ثلاثة امور : 1 ـ التذکیر . 2 ـ التعلیم . 3 ـ الرقابة علی سلوک الانسان .
ومهمة التذکیر هی اثارة الفطرة ، وبعثها ، عندما یصیبها الخمول ، وهی غیر مهمة ( التعلیم ) . والقرآن الکریم یحمّل الانبیاء المسؤولیتین معا :
مسؤولیة التعلیم ومسؤولیة التذکیر . والأنبیاء معلمون ومذکرون معا .
یقول تعالی فی امر التذکیر : « فذکر انما انت مذکر »(6) .
وعن مهمّة الانبیاء فی التعلیم یقول تعالی : « ... ویعلّمکم الکتاب والحکمة ، ویعلمکم ما لم تکونوا تعلمون »(7) .
« ... ویعلّمهم الکتاب والحکمة وان کانوا من قبل لفی ضلال مبین »(1) .
والتذکیر یتناول امر الدعوة الی اللّه‏ تعالی .
واما التعلیم فیتناول ما یعلمنا اللّه‏ تعالی من الحکمة وشرائع دینه .
اما المهمة الثالثة فهی الرقابة علی سلوک الناس ، وتتمثل فی الامر بالمعروف ، والنهی عن المنکر، ونستطیع ان نلخص رسالة الانبیاء فی ثلاث کلمات : الدعوة، الامر بالمعروف، والنهی عن المنکر ، وما یتخللها من العلم الذی یأتی به الانبیاء من جانب اللّه‏ تعالی .

المیثاق والشهادة :

اذن المیثاق والشهادة بعضها یکمل بعضا ، فان ( المیثاق ) هو ارتباط الانسان باللّه‏ تعالی عن طریق الفطرة . و( الشهادة ) هی اسناد ودعم هذا الارتباط بارسال النبیین والشهداء ، ومهمّة الشهداء هی بعث الفطرة واثارتها واعادة ارتباطها باللّه‏ تعالی .
4 ـ الاختلاف الذی یلی ارسال النبیین :
یقول تعالی : « ... وما اختلف فیه الا الذین اُوتوه من بعد ما جاءتهم البینات بغیا بینهم ... »(2) .
وهذا الاختلاف غیر الاختلاف الاول الذی اشارت الیه الآیة المبارکة من قبل « ... لیحکم بین الناس فیما اختلفوا فیه ... »(3) .
اذن فهناک اختلافان تُشیر الیهما الآیة :
الاول : انحراف عن الفطرة .
الثانی : اختلاف حول دعوة الانبیاء والانحراف عن رسالتهم .
والاختلاف الاول کان قبل مبعث الرسل ، والثانی کان بعد مبعث الرسل ومن قبل علماء اهل الکتاب انفسهم .
قال تعالی : « وما تفرّقوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغیا بینهم ... »(1) .
« ... وما اختلف الذین اوتو الکتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغیا بینهم ... »(2) .
وهذا الاختلاف الثانی ، الذی تشیر الیه الآیة الکریمة من مشاکل التأریخ الحضاری للانسان ، ولسنا الآن بصدد البحث عنه .

المرحلة الثالثة :

الامامة :

« واذ ابتلی ابراهیمَ ربه بکلمات فأتمهن قال إنّی جاعلک للناس اماما ، قال ومن ذریتی. قال لا ینال عهدی الظالمین »(3) .
وهذه المرحلة متمیّزة ومختلفة عن المرحلتین السابقتین ، ومهمّة الانبیاء فیها امامة حرکة التوحید ؛ ولسنا نجد فی دراسة المرحلة السابقة علی هذه المرحلة ( وهی مرحلة ما قبل ابراهیم علیه‏السلام ) فی القرآن دلیلاً علی وجود قیادة وامامة لحرکة التوحید فی التأریخ، وفی الصراع بین الحق والباطل ، کما کان ذلک فی عصر ابراهیم وموسی وعیسی ورسول اللّه‏ صلی اللّه‏ علیه وعلیهم اجمعین.
فمنذ هذا التأریخ نجد أنّ الانبیاء علیهم‏السلام یقودون حرکة التوحید قیادة میدانیة ، وحرکیة بالمعنی الدقیق لهذه الکلمة ، ویتصدون لمواجهة حرکة الشرک ، ویتحول التوحید والشرک من رأیین وفهمین وموقفین متعاکسین الی حرکتین ، وتتحول العلاقة داخل کل حرکة الی علاقة عضویة ، کما تتطلبه ای حرکة .
یتحول الأنبیاء الی أئمة وقادة لهذه الحرکة ، کما یتحول الطواغیت الی ائمة وقادة یقودون حرکة الشرک ، وهذه مرحلة جدیدة تماما فی تأریخ الصراع بین التوحید والشرک ، والحق والباطل .
ولا بد لدراسة هذه المرحلة والمراحل السابقة ، وفرز بعضها عن بعض من تجمیع شواهد وقرائن من کتاب اللّه‏ ، ومن طبیعة المواجهة بین الحق والباطل ولا یسعنا ذلک فی هذه العجالة .
ویکفینا اننا قد رسمنا ـ فی هذا المرور السریع ـ المعالم الاولیة لدراسة تأریخ الحضارة ومراحلها کما رسم القرآن . واللّه‏ تعالی اعلم بما نزّل فی کتابه من هدی ونور .
وفی هذا التقسیم لمراحل التأریخ لا بد ان نذکر مرة اخری أنّ هذا التقسیم لیس بمعنی أنّ دور المیثاق ینتهی عندما تبدأ مرحلة الشهادة ، وأنّ مرحلة الشهادة تنتهی ببدء مرحلة الامامة .
فالمیثاق الفطری قائم فی حیاة الانسان الی الیوم الحاضر، کما ان الشهادة قائمة الی الیوم.
ولکن الذی حدث فی تأریخ الانسان : أنّ الشهادة اُضیفت الی تأریخه وحضارته منذ عصر نوح علیه‏السلام ، وأنّ الامامة اُضیفت الی حرکة الانبیاء وحضارة الانسان منذ عصر ابراهیم علیه‏السلام ، دون ان یفقد المیثاق ، والشهادة قیمتهما ودورهما فی حیاة الانسان فی المراحل التالیة .

المرحلة الرابعة :

الوراثة :

وهذه هی المرحلة التی قال عنها القرآن : « ولقد کتبنا فی الزبور من بعد الذکر أن الارض یرثها عبادی الصالحون »(1) .
وفی هذه المرحلة یرث الصالحون من عباد اللّه‏ الأرض وما علیها وقد تواترت الروایات علی أنّ هذا الارث یتم فی عصر ظهور الامام المهدی عجل اللّه‏ فرجه الذی بشّر به رسول اللّه‏ صلی‏الله‏علیه‏و‏آله بما صح عنه صلی‏الله‏علیه‏و‏آله من روایات الفریقین(1) .
والصفة البارزة لهذه المرحلة هی المیراث لأن الصالحین من عباد اللّه‏ بقیادة الامام المنتظر عجل اللّه‏ فرجه یرثون الارض وما علیها من مال وسلطان وما یستتبع المال والسلطان من ائمة الکفر الذین توارثوا المال والسلطان علی وجه الأرض وفی هذه المرحلة یتم تطهیر الأرض من لوثة الشرک ویَحکُم التوحید الارض ؛ وللصالحین فی هذه المرحلة من التأریخ میراثان :
میراث من أئمة الکفر والشرک وهو المال والسلطان وهو قوله تعالی : « ولقد کتبنا فی الزبور من بعد الذکر أن الارض یرثها عبادی الصالحون »(2) .
وقال تعالی : « ... إنّ الأرض للّه‏ یورثها من یشاء من عباده ... »(3) .
ومیراث من ائمة التوحید وهو میراث الکتاب والهدی والتوحید ، قال تعالی : « ثم اورثنا الکتاب الذین اصطفینا من عبادنا ... »(4) .
وهذا المیراث یتواصل فی حیاة الصالحین حتی یتصل بمیراث الجنة ، قال تعالی : « تلک الجنة التی نورث من عبادنا من کان تقیا »(5) وهؤلاء الاتقیاء هم الصالحون الذین قال تعالی عنهم :
« والذین آمنوا وعملوا الصالحات لا نکلف نفسا الاّ وسعها اولئک اصحاب الجنة هم فیها خالدون * ونزعنا ما فی صدورهم من غلّ تجری من تحتهم الانهار وقالوا الحمد للّه‏ الذی هدانا لهذا وما کنّا لنهتدی لولا ان هدانا اللّه‏ لقد جاءت رسل ربّنا بالحق ونودوا ان تلکم الجنة اُورثتموها بما کنتم تعملون »(6) .

الهوامش:

(1) البقرة : 213 .
(1) الأنبیاء : 105 .
(2) الأعراف : 172 .
(1) البقرة : 213 .
(1) البقرة : 213 .
(1) یونس : 19 .
(2) البقرة : 36 .
(1) النساء : 41 .
(2) المائدة : 117 .
(3) النحل : 89 .
(4) المائدة : 44 .
(5) الزمر : 69 .
(6) الغاشیة : 21 .
(7) البقرة : 151 .
(1) الجمعة : 2 .
(2) البقرة : 213 .
(3) البقرة : 213 .
(1) الشوری : 14 .
(2) آل عمران : 19 .
(3) البقرة : 124 .
(1) الانبیاء : 105 .
(1) معجم احادیث الامام المهدی علیه‏السلام 1 : 104 ـ 167 .
(2) الانبیاء : 105 .
(3) الأعراف : 128 .
(4) فاطر : 32 .
(5) مریم : 63 .
(6) الأعراف : 42 ، 43 .

مقالات مشابه

بررسي تطبيقي انسان شناسي قرآن با انسان شناسي غربي

نام نشریهحسنا

نام نویسندهسیدمصطفی کازرونی

انسان قرآني در انديشه و نهضت امام خميني

نام نشریهمشکوة

نام نویسندهاحمد قرائی سلطان ابادی

رابطه طهارت انسانی با بطون قرآنی از نگاه سید جلال‌الدین آشتیانی

نام نشریهانسان‌پژوهی دینی

نام نویسندهعلیرضا فاضلی, سیدمحمد حسن حاجی ناجی

مبانی قرآنی معرفت شناسی برنامۀ درسی تربیت سیاسی

نام نشریهپژوهش‌های سیاست اسلامی

نام نویسندهسعید بهشتی, محمدصادق حمیدزاده, حسن ملکی

تبیین مفهوم تقوا از منظر انسان‌شناختی با تأملی در آیات قرآن و دلالت‌های آن در پرورش تقوا

نام نشریهمبانی تعلیم و تربیت

نام نویسندهعلیرضا صادق‌زاده قمصری, ابراهیم طلایی, سمیه رام, محمود مهرمحمدی

سه‌گانه «قرآن، کتاب زندگي»

نام نشریهنقد کتاب اخلاق علوم تربیتی و روان شناسی

نام نویسندهسیدمحمدعلی طباطبایی (مهرداد)

خدا و تاریخ انسان از دیدگاه عهدین و قرآن

نام نشریهعلوم قرآن و حدیث

نام نویسندهمحمدتقی انصاری‌پور

بررسی و تبیین مفهوم «انسان متعالی» از منظر قرآن کریم

نام نشریهمعارف قرآنی

نام نویسندهرضا علی نوروزی, هاجر کوهی اصفهانی

منظومه باورهای بنیادین انسان سالم از دیدگاه قرآن

نام نشریهفلسفه دین

نام نویسندهمحمدعلی مهدوی‎راد, طلعت حسنی بافرانی

الإنسان فی القرآن

نام نشریهالغدیر

نام نویسندههادی فضل‌الله